أكثر من 100 موظف في BBC يتهمونها بمحاباة إسرائيل خلال تغطية حرب غزة
أكثر من 100 موظف في BBC يتهمونها بمحاباة إسرائيل خلال تغطية حرب غزة
تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ضغوطًا غير مسبوقة من داخل صفوفها، بعد توقيع أكثر من 100 موظف حالي على رسالة مفتوحة موجهة إلى المدير العام تيم ديفي، اتهموا فيها الهيئة بالتحول إلى "بوق دعائي للحكومة الإسرائيلية"، على خلفية تغطيتها الإعلامية للحرب المتواصلة في قطاع غزة.
وذكرت صحيفة "الغارديان البريطانية، أن الانتقادات لم تقتصر على موظفي المؤسسة، إذ حظيت الرسالة بدعم أكثر من 300 شخصية بارزة في الإعلام والفن والثقافة البريطانية، من بينهم الممثلان ميريام مارغوليس وتشارلز دانس، والمخرج الشهير مايك لي.
ويُنظر إلى هذا الدعم الواسع بوصفه مؤشرًا صارخًا على تنامي السخط المهني والشعبي من سياسة BBC التحريرية تجاه الحرب.
اتهامات بالتحيز التحريري
وأعرب الموقعون عن إحباطهم العميق من طريقة تغطية الشبكة للأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، متهمين BBC بـ"الفشل في الالتزام بمعاييرها المهنية"، وبأنها تُنتج محتوى يُشبه بيانات العلاقات العامة لصالح الحكومة الإسرائيلية وجيشها، أكثر مما يعكس الصحافة المستقلة والمتوازنة.
ويأتي هذا التصعيد بعد سلسلة من القرارات التحريرية المثيرة للجدل داخل المؤسسة، أبرزها سحب الفيلم الوثائقي "غزة: الأطباء تحت الهجوم" من جدول البث، على الرغم من حصوله مسبقًا على موافقة تحريرية أولية.
وتعزز الجدل بعد إعلان قناة "تشانل 4" شرائها لحقوق عرض الفيلم، مما أثار تساؤلات حول نزاهة قرار السحب ودوافعه السياسية.
وقالت BBC إن الفيلم لم يجتز المراجعة التحريرية النهائية، وإن بثه في توقيت الحرب "قد يعطي انطباعًا بعدم الحياد"، لكن مصادر داخلية نفت ذلك، مشيرة إلى أن القرار جاء تحت ضغط داخلي بسبب تصريحات سابقة لبعض المشاركين في الفيلم، من بينهم الصحفية راميتا نواي، التي وصفت إسرائيل بـ"الدولة المارقة".
"ثقافة الخوف التحريري"
واتهم موظفون في BBC إدارتها بممارسة "رقابة ذاتية منهجية" وفرض مناخ من الخوف التحريري، يمنع المنتجين والمحررين من تناول زوايا تغطية تعتبرها الإدارة "حساسة"، خصوصًا تلك التي تنتقد إسرائيل أو تتناول الفظائع المرتكبة في غزة.
وأشارت الرسالة إلى أن بعض العاملين تعرّضوا لتحقيقات داخلية أو تحذيرات بسبب نشرهم أو إعجابهم بمحتوى ناقد لإسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، في ظل ما وصفوه "بإساءة استخدام مبدأ الحياد كمبرر لقمع الرأي".
وطالب الموقعون باستقالة روبي جيب، عضو مجلس إدارة BBC، بسبب علاقاته الوثيقة بصحيفة "جويش كرونيكل"، التي اتهموها مرارًا بـ"نشر خطاب تحريضي ومعادٍ للفلسطينيين"، محذرين من تأثير علاقات كهذه على استقلالية القرار التحريري داخل المؤسسة.
لكن BBC نفت وجود أي تدخل من مجلس الإدارة في القرار التحريري، وأكدت أن لجنة المعايير التحريرية لم تشارك في سحب الفيلم الوثائقي.
موقف الشبكة: "نحن حياديون"
في المقابل، دافعت BBC عن موقفها، وقالت متحدثة باسم المؤسسة إن "النقاشات الداخلية بين الفرق التحريرية أمر طبيعي وصحي، وإن الشبكة تبذل جهدًا لضمان تغطية النزاع بحياد وتوازن".
وأشارت إلى إنتاجها لعدد من الأفلام الوثائقية مثل "الحياة والموت في غزة" و"غزة 101"، بوصفها دليلًا على التزام المؤسسة بإبراز الروايات المختلفة.
يأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه بريطانيا تحولات تدريجية في مواقفها تجاه السياسات الإسرائيلية، فقبل أيام، اتخذت الحكومة البريطانية خطوات غير مسبوقة لفرض قيود على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وسط تزايد الضغوط الشعبية والسياسية لوضع حد لدعم لندن العسكري والدبلوماسي لتل أبيب.
أزمة ثقة
يمثل هذا التحرك الجماعي من موظفي BBC لحظة فارقة في تاريخ الشبكة، إذ يعكس أزمة ثقة داخلية نادرة الحدوث في واحدة من أعرق المؤسسات الإعلامية في العالم.
وفي ظل استمرار الحرب واشتداد الكارثة الإنسانية في غزة، ستواجه BBC مزيدًا من التحديات في الحفاظ على صورتها كمصدر مستقل وموثوق.